في خطوة أثارت اهتمامًا واسعًا في الأوساط التقنية، أعلنت شركة "واتساب" المملوكة لميتا (فيسبوك سابقًا)، عن خططها لبدء عرض الإعلانات داخل تطبيق التراسل الشهير الذي يستخدمه أكثر من ملياري شخص حول العالم. هذه الخطوة تمثل تحولًا كبيرًا في استراتيجية واتساب التي حافظت منذ انطلاقها على تجربة خالية من الإعلانات.
الإعلانات تقتصر على قسم "التحديثات" فقط
بحسب ما أكدته الشركة، فإن الإعلانات ستظهر فقط في قسم "التحديثات Updates"، وهو القسم الذي يتيح للمستخدمين متابعة تحديثات الحالة (الستوري) من الأصدقاء وجهات الاتصال، ويُستخدم من قبل نحو 1.5 مليار مستخدم يوميًا. ووفقًا للتصريحات الرسمية، لن تمتد الإعلانات إلى المحادثات الشخصية أو الجماعية، مما يطمئن المستخدمين نوعًا ما بشأن سلامة خصوصيتهم.
هل تمس الإعلانات خصوصية المستخدم؟
رغم التطمينات، فإن التساؤلات بدأت تتصاعد حول مستوى الخصوصية بعد تفعيل هذه الإعلانات. وأوضحت الشركة أن بعض البيانات غير الحساسة فقط سيتم جمعها لأغراض الاستهداف الإعلاني، مثل الموقع الجغرافي العام، واللغة الافتراضية للهاتف، ونوع الجهاز. لكنها شددت على أن محتوى الرسائل والاتصالات والمكالمات سيظل مشفرًا بالكامل من طرف إلى طرف، ولن يتم استخدامه في أي نشاط إعلاني.
وفي هذا السياق، صرّحت "نيكيلا سرينيفاسان"، نائبة رئيس إدارة المنتجات في واتساب، بأن "التفكير من منظور الخصوصية كان أساسيًا أثناء تطوير هذه الميزة الجديدة"، وأضافت أن رسائل المستخدمين ومكالماتهم ستظل محمية تمامًا.
عودة إلى الوراء: من أين بدأ واتساب؟
منذ استحواذ شركة Facebook على واتساب في عام 2014 مقابل 19 مليار دولار، تعهدت الشركة بالحفاظ على خصوصية المستخدم وعدم دمج الإعلانات داخل التطبيق. كان التطبيق بسيطًا، لا إعلانات، لا ألعاب، ولا محتوى ترفيهي مزعج، ما جعله محبوبًا في العديد من الأسواق النامية مثل البرازيل والهند ومصر.
لكن يبدو أن ميتا بدأت في تغيير هذا النهج تدريجيًا، في محاولة منها لاستثمار قاعدة المستخدمين الهائلة وتحقيق عائدات إعلانية جديدة، خاصة مع تباطؤ النمو في منصاتها الأخرى مثل فيسبوك وإنستغرام.
ردود فعل المستخدمين: ترحيب مشوب بالحذر
من المتوقع أن تشهد هذه الخطوة ردود فعل متباينة من المستخدمين. البعض قد يرى في هذه الإعلانات وسيلة غير مزعجة إذا اقتصرت فقط على قسم "التحديثات"، بينما قد ينظر إليها آخرون كاختراق تدريجي للخصوصية وبداية لتحول أكبر في طريقة تعامل واتساب مع بيانات المستخدمين.
الربح مقابل الخصوصية؟
القرار بدمج الإعلانات يعكس التحدي الأكبر الذي تواجهه الشركات التقنية الكبرى: كيفية تحقيق الربح من التطبيقات المجانية دون التأثير على ثقة المستخدمين. واتساب، التي طالما تباهت بحماية بيانات المستخدمين، تجد نفسها الآن أمام اختبار حقيقي لموازنة الربح والخصوصية.
فى النهاية هل هذا: تغييرات حذرة أم بداية لنهج جديد؟
في الوقت الحالي، يبدو أن واتساب تتقدم بحذر، حريصة على طمأنة المستخدمين بأن تجربة الدردشة ستظل آمنة وخاصة. ومع ذلك، فإن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام المزيد من التغييرات في المستقبل، ما يجعل مراقبة كيفية تنفيذها أمرًا ضروريًا لمستخدمي التطبيق والمراقبين التقنيين على حد سواء.